Comment Obama compte-t-il régler la question du nucléaire iranien? // كيف سيتعامل اوباما مع الملف النووي الايراني؟

وعد باراك اوباما خلال حملته الانتخابية بمنع ايران من الاستحواذ على السلاح النووي وجدد هذا الوعد بعد استلامه للحكم.لكنه في الوقت نفسه حرص على التأكيد ان ذلك سوف يتم بالحوار والتفاوض .واذا كانت ادارة بوش قد رحلت من غير اللجوء الى القوة العسكرية التي طالما هددت باستخدامها ضد ايران فمن المستبعد ان تلجأ الادارة الديمقراطية الى القوة وهي التي تحمل شعار التحاور حتى مع الشيطان نفسه.من هنا يطرح السؤال حول الطريقة التي ستعثر عليها لردع ايران عن المضي قدما في برنامجها النووي الذي قطع في السنوات المنصرمة اشواطا متقدمة رغم الضغوط الدولية وتهديدات واشنطن التي احتلت جيوشها العراق وافغانستان وراحت تفتش عن جبهات جديدة.

فور استلامه لمهامه قام الرئيس اوباما بتعيين مبعوثين شخصيين له الى الشرق الاوسط(جورج ميتشيل) وافغانستان(ريتشارد هولبروك) قبل ان يسمي دنيس روس مستشارا خاصا لوزيرة الخارجية في الخليج وأسيا الجنوبية-الغربية. وكان هذا المفاوض في الشرق الاوسط في عهد الرئيس كلينتون وأحد مؤسسي جماعة »متحدون ضد النووي الايراني » مرشحا ليكون مبعوثا خاصا الى ايران,لكنه استبعد لان تأييده ل »إسرائيل » وموقفه المناوىء لطهران كانا سيضران بمصداقية الادارة التي تتوخى الحوار مع الجمهورية الاسلامية.والسياسة الاميركية الجديدة لن تمارس التسرع ,كما يقول المحللون في واشنطن, وستعتمد بشكل اساسي على نصائح لي هاملتون الذي قاد مع جيمس بيكر في العراق المهمة التي انتهت في العام 2006 بالتقرير الشهير الذي يحمل اسميهما. وهاملتون يؤيد اقترابا اميركيا متدرجا مع ايران على الطريقة التي طبقت مع الاتحاد السوفياتي عشية سقوطه.وعلى واشنطن,في رأيه, ان تعلن تخليها عن سياسة اسقاط النظام الايراني والاعتراف بهواجسه الامنية, وربما ببعض النفوذ في العراق, وبحقه في تكنولوجيا نووية سلمية, قبل الشروع في التحاور معه.

لكن على هذه الادارة في الوقت نفسه ان تتعاطى مع اعضاء نافذين في الكونغرس يرفضون ذلك, ومع اللوبي « الإسرائيلي » النافذ هو الآخر في واشنطن لاسيما وان نتنياهو وصل الى السلطة واضعا نصب عينيه الخطر الايراني الذي يقع في رأس سلم الاولويات الأمنية « الاسرائيلية » ما يعني انه سيبذل ما بوسعه لاعاقة أي تقارب ايراني-اميركي لايكون هدفه الاساسي المباشر منع ايران من الاستمرار في تطوير قدراتها النووية.

وهكذا فان سياسة اوباما الايرانية لن تسير فى طريق مزروع بالورود رغم كل الوعود بالحوار والتفاهم.فالادارة الجمهورية السابقة كانت تحاور الايرانيين في السر حينا وفي العلن احيانا رغم التهديدات المتبادلة التي لم تتوقف.وهذا الحوار انتج تهدئة في العراق وفي لبنان وفي افغانستان في بعض المحطات دون ان يرقى الى مستوى اتفاق بقي التناقض الايديولوجي بين الطرفين حائلا دونه.

والآن وقد رحل بوش فان الادارة الجديدة تنتظر الانتخابات الايرانية في يونيو/حزيران المقبل علها تؤدي الى رحيل احمدي نجاد ووصول رئيس اقل تشددا وغير متورط بتصريحات نارية كتلك التي ما انفك يطلقها الرئيس الإيراني الحالي.وفي الانتظار فانها تنكب على دراسة افضل المقاربات السياسية الممكنة في اجواء يعمها الانفتاح على الجميع لاسيما حلفاء ايران مثل سوريا وروسيا.فالملفات الشرق اوسطية مرتبطة ببعضها البعض ونفوذ ايران ذهب بعيدا خارج حدودها وبالاخص في النظام الاقليمي العربي الذي يعاني من غياب استراتيجي في قمته.ولاشك ان هذه الاجواء ساعدت في هذا التوجه الواضح نحو مصالحات عربية وفلسطينية وتبريد اجواء مشحونة كثيرة في المنطقة.

والخطوة الاولى ذات المعنى التي خطتها إدارة اوباما في اتجاه ايران هي دعوتها الى المؤتمر المتعلق بافغانستان حيث ستجد نفسها الى جانب موسكو المدعوة هي الاخرى والتي بدأت معها واشنطن مسار الحوار والتفاوض كما اعلن نائب الرئيس بايدن خلال مؤتمر ميونيخ الامني الاخير وكما اكدت وزيرة الخارجية كلينتون خلال لقائها بنظيرها الروسي في جنيف منذ ايام.واذا اضفنا دعوة حلف الاطلسي لروسيا العودة الى مجلسه (حيث تملك صفة المراقب)بعد تصفية ذيول الازمة الجورجية, تكون المحاور الثلاثة المحددة لمستقبل العلاقة الروسية-الاميركية ( الدرع الصاروخي الاميركي في اوروباالشرقية,افغانستان,الحد من الاسلحة الاستراتيجية) قد وضعت على طاولة الحوار بين القوتين العظيمتين. ففي افغانستان يبدو ان الادارة الاميركية قد تخلت عن الرئيس كرزاي الذي تحمله مسؤولية الفشل وتقول عنه هيلاري كلينتون انه يرأس دولة مخدرات.وهذا نبأ جيد لايران التي بات من المؤكد انها ستكون شريكة في اليحث عن بديل له,كذلك روسيا بالطبع.وبالنسبة للحد من الاسلحة الاستراتيجية فمن المرجح ان يكون هذا الملف من ايسر ملفات الحوار كونه لايرتبط بأزمة حارة او بحالة ملحة ولانه يتقدم حينا ويتراجع احيانا منذ ايام الاتحاد السوفياتي.يبقى الدرع الصاروخي الذي تعتبره موسكو تهديدا مباشرا لامنها وموجها ضدها فانه سيكون اشيه بالبوصلة التي ستحدد وجهة العلاقة الروسية-الاميركية الجديدة بعد ان فرضت موسكو على الجميع الاعتراف بهواجسها المتعلقة بالجوار المباشر لاسيما اوكرانيا وجورجيا.ولا ننسى بالمناسبة ان الولايات المتحدة فقدت في الاسبوع الماضي في قيرغستان أخر قواعدها العسكرية التي استحوذت عليها في أسيا الوسطى بعد تفجيرات 11 سبتمبر/ايلول 2001 .

ماذا لو عرضت واشنطن على موسكو مقايضتها الدرع الصاروخي في مقابل النووي الايراني؟ مما لاشك فيه انه اذا قررت موسكو ممارسة ضغوط جدية على ايران في هذا المضمار فسوف يكون من الصعوبة بمكان على هذه الاخيرة ان تستمر في تطوير برنامجها النووي .وقد نشرت النيويورك تايمز تقريرا عن رسالة سرية أرسلها اوباما الى مدفديف بهذا الخصوص.بالطبع انكر الاثنان مثل هذه الرسالة لكن اوباما قال في معرض انكاره ان زوال الخطر النووي الايراني يزيل الحاجة الى الدروع الواقية من الصواريخ.

لننتظر اجتماع اوباما ومدفديف في لندن اوائل ابريل/نيسان المقبل دون ان نتوقع منه الاعلان عن مثل هذا الاتفاق. لكنه على الارجح سوف يؤسس لمثل هذا الاتفاق الذي لن يكون علنيا بالضرورة.

Ghassan El Ezzi

21 آذار (مارس) 2009